العلاج الزواجي | كيف تنقذ حياتك الزوجية؟

 

الطلاق… يا له من قرار صعب!

لا أستطيع الإقدام عليه، ولا أستطيع العيش في الوضع نفسه من المشكلات وعدم التفاهم

تزداد المشكلات بيني وبين زوجي كل يوم أكثر من اليوم السابق

أتذكر أيام خطبتنا، وكيف كانت تلمع ابتسامتي، وكيف كان يخفق قلبي فرحًا في كل مرة نكون فيها معًا

وأتذكر الفترة الأولى من زواجنا، وكيف لاحظ الجميع تغير ملامحي من فرط سعادة قلبي وبهجتي

لكن أين ذهب الحب والسعادة والذكريات الجميلة؟!

لم أعد أتحمل هذه الصراعات، لكني لا أستطيع التخلي عن زواجي بسهولة؛ فما زلت أملك الكثير من الذكريات السعيدة في قلبي

هل يوجد حل لمشكلتي؟ هل يمكن الحصول على العلاج الزواجي؟

نتطرق معًا اليوم إلى موضوع في غاية الأهمية لحياتنا الزوجية، وهو “العلاج الزواجي”.

العلاج الزواجي


يعد العلاج الزواجي نوعًا من العلاج النفسي، ويعرف أيضًا باسم “الاستشارات الزوجية”. 

ويساعد الأزواج على تعلم الطرق الصحيحة لحل مشكلاتهم، والوصول إلى قرارات سليمة بشأن علاقتهما؛ سواء باختيار استكمال الزواج أو اختيار قرار الانفصال.

يتطلب الحفاظ على سلامة الحياة الزوجية وسعادة المنزل الكثير من الجهد والعمل من كلا الزوجين.  

فلا تظن أن التوفيق في الحياة الزوجية هو مجرد حظ، بل هو قرار بالتضحية والتغيير من أجل إسعاد الطرف الآخر.

ولا تخلو أية زيجة على وجه الأرض من المشكلات والاضطرابات، لكن هناك من يستسهل قرار الطلاق، وهناك من يعافر من أجل المحافظة على سلامة الزواج ووحدة البيت، ويبحث عن أسباب الخلافات ويفكر في طريقة حلها، أو بمعنى آخر: (ما الذي يسعد شريك حياتي لأفعله؟).

تتعدد أسباب حدوث المشكلات الزوجية، وتختلف حسب اختلاف الطبقة الاجتماعية، لكن يحدث أغلبها بسبب وجود مشكلة في التواصل الجيد بين الزوجين، خصوصًا في المشكلات المتعلقة بالعلاقة الحميمية، أو بسبب اختلاف وجهات النظر فيما يتعلق بتربية الأطفال.


وتأتي الخيانة الزوجية على رأس أسباب المشكلات الزوجية، إضافة إلى العصبية المفرطة مع عدم التحكم في الغضب خصوصًا من الرجال.

العلاج الزواجي السلوكي المعرفي


يعرف العلاج السلوكي المعرفي بأنه نوع من أنواع العلاج النفسي الزواجي، ويعتمد على حضور عدة جلسات مع طبيب نفسي أو معالج نفسي حاصل على ترخيص لمزاولة هذا النوع من الجلسات العلاجية.

ويتمركز محور الجلسة على تعليم الشخص طريقة جديدة في التفكير بشأن المشكلات والمواقف العصيبة التي يمر بها، ومن ثم يستطيع فهم أبعاد المشكلة بعمق، وتحليلها بنحو مختلف؛ الأمر الذي يؤدي إلى وضوح المشكلة الحقيقية وسهولة حلها بالطريقة الصحيحة.

ولا يقتصر دور العلاج السلوكي المعرفي على حل المشكلات الزوجية فقط؛ فقد اعتاد الأطباء النفسيون اللجوء إليه في حالات كثيرة، مثل:

·       حالات الاكتئاب

·       القلق

·       الاضطرابات الجنسية

·       التعافي من الحزن والخسارة

·       بعد الأزمات العاطفية

·       وجود مشكلات في النوم

·       اضطرابات الشهية

·        الوسواس القهري

ينجح العلاج الزواجي السلوكي المعرفي في حل كثير من المشكلات الزوجية، خصوصًا عندما يخضع كلا الزوجين لجلسات العلاج، فصدقًا قال قائل المثل: «إيد لوحدها ما تسقفش!».

إذا قررت اللجوء إلى أحد جلسات العلاج الزواجي، 


ننصحك بالآتي:

·         ابحث جيدًا عن طبيب نفسي أو معالج من ذوي الخبرة في هذا المجال؛ لتضمن نجاح الجلسات.

·         اسأل جيدًا عن الأسعار قبل البدء في الجلسة؛ فربما تسبب تكلفة هذه الجلسات عبئًا ماديًّا عليك.

·         حدد جيدًا المشكلات التي تؤرقك وتزعجك قبل ميعاد الجلسة؛ حتى تستفيد جيدًا من وقت الجلسة.

 

العلاج الزواجي السلوكي الجدلي:


يعد العلاج الزواجي السلوكي الجدلي نوعًا من أنواع العلاج النفسي الزواجي، ويعتمد على التركيز على المشاعر
والعواطف؛ فيتعلم الأشخاص التخلص من المشاعر السلبية التي تعوق تفكيرهم وتخطيها إلى حل المشكلات.

ويركز هذا النوع من الجلسات العلاجية على الجدل أو الحوار؛ فيتناقش كلٌّ من المعالج النفسي والشخص صاحب
المشكلة في الصفات التي يكرهها الشخص في شخصيته، ويساعده المعالج عن طريق الحوار والمجادلة على التوصل إلى قبول بعض هذه الصفات وطرق فعالة لتغيير بعض الصفات الأخرى.

إضافة إلى التركيز على المشاعر والعواطف ووصفها بالوصف الصحيح -خصوصًا المشاعر السلبية-؛
ومن ثم التوصل إلى طريقة صحيحة للتخلص منها واستبدالها بمشاعر أكثر إيجابية.

 

نظريات العلاجِ الزواجي:


قد يكون أفضل ما يمكن أن يفعله أي زوجين في أثناء فترة خلافاتهما هو اللجوء إلى العلاج الزواجي؛ إذ يمكن للمعالج
المتخصص في هذا المجال أن يساعدهم بشكل فعال على التخلص من الاضطرابات وتجنب تكرارها، دون حدوث جروح نفسية عميقة.

ويعتمد الأطباء النفسيون المتخصصون في العلاج الزوجي على عدة نظريات، نذكر منها:

نظرية البيئة الآمنة: 

يعتمد المعالجون على توفير بيئة آمنة تحتوي غضب كلا الزوجين وإحباطهما، إضافة إلى ضمان الخصوصية والسرية وأيضًا الحيادية؛ الأمر الذي يشجع الأزواج على الحديث بصدق والتفكير بعقلانية.

نظرية الخبرة:

يستطيع المعالج الخبير فهم تصرفات الأزواج وردود أفعالهم -لكثرة رؤيته لمثل هذه المشكلات-، الأمر الذي يجعل الأزواج أكثر استجابة لرأيه؛ فهو شخص محايد لا مصلحة له في تميز طرف على الآخر.

نظريةُ إدارة الحديث: 

يتسارع كلا الزوجين في إلقاء التهم على بعضهما، وغالبًا لا يستمع أي منهما للآخر؛
هنا يأتي دور المعالج الخبير في إدارة الحديث وإعطاء الوقت بالتساوي لكل طرف، مع التأكيد على ضرورة الاستماع الجيد من قِبل الطرف الآخر.

نظرية تعليم مهارات التواصل: 

يعتمد العلاج الزواجي على تعليم كلا الزوجين مهارات التواصل الجيدة؛
ومن ثم يتعلمان طرقا فعالة لحل النزاعات قبل تفاقمها، والتوصل إلى أرض مشتركة في النقاش.

فيتعلم كل طرف متى يصمت ويستمع ومتى يتكلم، وكيف يتحكم في مشاعره ويهدئ من غضبه ويفكر بطريقة عقلانية

نظرية الفهم الصحيح: 

بعد أن تعلم كلا الزوجين الاستماع الجيد لبعضهما بعضًا، تأتي أهمية الفهم الجيد لما يعنيه
الطرف الآخر، وهذه المهارة تكتسب عن طريق الجلسات النفسية، سواء جلسات العلاج الزواجي التكاملي أو العلاج الزواجي السلوكي المتكامل.

أهمية العلاجِ الزواجي:


بعد أن تعرفنا إلى نظريات العلاج الزواجي وخطواته المختلفة، حان الوقت لنتعرف معًا إلى إجابة سؤال “كيف يمكن للعلاج الزواجي أن يفيد الأزواج؟”.

تساعد جلسات المشورة الزوجية على إعطاء فرصة للزوجين لإيجاد وقت للالتفات لحياتهم الزوجية، بعيدًا عن حياتهم المزدحمة بالأعمال والمواعيد؛ ومن ثم تحسين علاقتهما ببعضهما.

ويسهل المعالج طريقة فهم كل طرف لمشاعر الطرف الآخر واحتياجاته؛ الأمر الذي يجعل الحياة بينهما أسهل وأكثر سعادة.

كذلك يساعد المعالج كل طرف على فهم طبيعة شخصيته، ومن ثم يتفهم طريقة ردود أفعاله تجاه المواقف المختلفة.

ولعل أهم ما يفعله المرشد في جلسات العلاج الزواجي هو تعليم كلٍّ من الزوجين مهارات التواصل الجيدة؛
التي تضمن الحد من المشكلات والاضطرابات الزوجية في المستقبل.

وختامًا

نجد أن كثيرًا من الأزواج يجد صعوبة في اتخاذ قرار اللجوء إلى متخصص للمساعدة على العلاج الزواجي،
ويظل يؤجل في هذا القرار مرارًا وتكرارًا.

لكن لا تتوقع أن تتغير الأمور إلى الأحسن أو أن تُحل المشكلات من نفسها دون تغييرك طريقة تفكيرك القديمة وطريقة تعاملك مع المشكلات.

لذا؛ من الأفضل الإقرار بوجود المشكلة والسعي في إيجاد حلولٍ لها من خلال الإرشاد الزوجي، بدلًا من دفن الرأس في الرمل مثل النعامة

مع تمنياتنا بحياة زوجية سعيدة ودافئة.